تواصل معي facebook

الارشيف

احصائيات

المتابعون

PostHeaderIcon رحلة دون جوان



في صلاة العصافير الحزينة لحظة حلول المساء وحنو ِ الليل ِ بظلامه واشتعال القمر في كبد السماء، كانت تجلس ُ والحيرة تخيم ُ على عينيها البريئة، مراهقة ً في السابعة عشر من عمرها، قلبت بين يديها وردة جورية اسمتها رحيق الحب، اشتمتها واستنشقت خلاصة الشذى بداخلها فتاهت في فكرها الى ابعد من نظرات القمر الليلية، الى أبعد من صوت الزقزقة وأنين الأرض الترابيّ.
تأملت الفتاة مصيرها في خبايا المستقبل، تأملت مجيء الفارس النبيل الذي يركب ُ الحب في حنانه، ويمتشقُ الدفء في كلامه، تاهت في فكرها شاردة ً بين النجوم البعيدة متسألة ً عن معاني الحياة الحديثة فظهر لها خلسة ً من بين اغصان ِ الرمان حسونا ً ينغم ُ لها تقاسيم الصبا مع مهبات النسيم الحريرية، طارت مثل الفراشة في مولد الربيع انتشاها العبير في حدائق القرمز والتف في قلبها طروب الغناء الغريب.
لغة الحسون ِ تلك تشبه صلاة الفجر ِ والتضرع بين يدي الله، حدثتها نفسها عن الأمومة وحلم كل فتاة ٍ بان تحمل بين حشاها بذرة الحب التي تتزهر ُ مثل زهرة اللوز ِ في اشهر تسع، شعرت أن من رحمها يولد الصبا ويخرج الرجال الى دنيا الحياة، أحست برضيعا يبحث عن نهدها ليمتص َ العسل ويكبر على صدى الرحمة التي في صدرها.
نظرت الى الحسون ِ فرأته متلونا ً مثل خطوط ِ قوس قزح وكل لون ٍ في جسده العصفوريّ يخبرك عن تاريخ في الغناء وصلاة الطيور للأبدية، حدثتها نفسها عن معنى تعلم الفن والعزف على نايّ لحن صبا مثل دروشة الحسون تلك وانهمال نغامته في اذنها التي تذكرها باسم الحب الأول الذي يسمعه المتحابون فيكون مثل بسملة الابتهال يشعرها بالغمرات الألهية والنجابة الشعرية في جسدها النحيل.
مع دوران الأرض كان من الجهة الأخرى سالب قلوب العذارى دون جوان النساء يمشي في اروقة مدينة الصلاة فينظر الى المباني التاريخية ويدندن بغروره المستعذب لنساء الأرض يحسبنه نبيا ً للحب ملهم ٌ بوحي السماء في حديثه عن جسد المرأة، تحبه النساء لأنه أسمر البشرة أسود العينين قصير الشعر، ممشوق الجسد.
في نظري هو رجلٌ عادي لكنه في نظر المراهقات خلاب، جذاب فكلامه عن العشق يريق قلوب النساء في أول مقابلةٍ معه ونظراته تذبحُ هامات الأنوثة الشامخة في رحلة العشق، فهلويا، شاعريا ً، رومانسيا ً، يحب اقتضاب الورد بين شفتيه فيسحق ورده الحسنوات مثلما تسحق الخيول احفنة َ التراب في عدوها.
دارت الأرض فرمت دون جوان على شاطئ البحر كان مثل عروس ِ بحر ٍ منحت الأرجل البشرية فأستفاق فيها شهد الحياة، مشى مشية الأسد ِ في رحلة صيد، بين التسارع ِ والتهاود قطف وردة ً عرقها أخضر حمراء مثل دم الحب واستمر يترنح ُ بطوله ويسير ُ الى حيث ُ تأخذه الطريق.
نظر واذ بها تجلس في حالة التأمل ناظرة ً، سارحة ً في أحلامها الصبيانية فأومى لها ايتها اللماحة ُ هناك انت ِ يا زهرة َ المدائن.. نظرت حولها فاذ بساحر ٍ يرش ُ التعويذة عليها فتشعر بجسدها المخملي كأنه خمرة ٌ شريدة تخاطبُ شفتي سكران في حانة الليل.
قالت له من أنت : قال أنا ابن ُ صلاة ِ العصافير ِ أنا حسونك الوردي، أنا رحيقُ عينيك ِ في هذا المساء.
تطاير قلبها ورفرف بين مخباتها رفرف مثل الفراشة ِ مصليا ً للربيع، كان مثل الحصان الأندلسي شعره كثيف وذيله طويل هامته رفيعه وعنقه يمتد مدة ً ملتوية، هكذا رقص قلبها لحديث ملهم النساء مستبيح العذارى في ظعنهن تردد الناي في كلماته كان سحريا ً بديعا.
فقالت له : أنت مثل الزهرة ِ في رحلتها مع النسيم ُ، من أين جئت يا سيدي؟
قال لها : جئت من لهيب ِ عينيك ِ ، أمشي والله يدلني اليك ِ.
سرحت، شردتْ والقمر يدون اللقاء باشعته البيضاء والليلُ يرخي سدوله على المكان كي يؤمن اللقاء من مسامع البشر ورؤى العين والنظر.
نزلت من أعلى الشرفة اليه اقتربت منه ُ مسكت يده فشعرت بيديه ترسلان ذبذبات ٍ سحرية كانت الذبذبات لهيبا يريق قلبها بسحر طلته وطوله الرجوليّ، اقترب اكثر فناخت على صدره تسمع دقات قلبه في لحظة ِ السكون تلك، مرر يديه بين خصال شعرها الذي يشبه ُ ساحل البحر فقبل جبهتها ونظر في عينيها فشاهد البرأةَ واللطف في صنع الخالق وابداعه.
في هذه الأثناء نظرا معا ً والحب والتفاهم يعتري وجهيهما، نظرا الى القمر وقالا له: اشهد بان الحب ولد في الانسان فجلعه انسانا ولولا الحبُ لما كان الانسان انسانا...

.

0 من التعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

اخر التعليقات

متابعين حول العالم